انباء نيوز
انباء نيوز

حنان خضر تكتب.. الشمالية مابين واقع الحال وسيناريو الدلال

0

من المعلوم أن الولاية الشمالية, هي مهد الحضارة الإنسانية, منذ القدم, إذ شهد وادي النيل مولد أول حضارة إنسانية في تاريخ البشرية, و هي الحضارة النوبية. و تدلنا الشواهد التاريخية الموجودة في هذه المنطقة علي هذه الحقيقة.

كما يحدثنا التاريخ عن حضارة العصر المسيحي , ثم حضارة العصر الإسلامي, إذ إنطلقت شعلة التنوير من هذه المنطقة و إنداحت إلي بقية أنحاء البلاد, بفضل أبناء المنطقة الذين حملوا مشعل التنوير.

إذن لا غرو أن يكون أبناء الشمال, هم أول من تعلموا, بل تلقوا تعليماً عالياً في مختلف التخصصات.

هذا التراكم الحضاري, منذ القدم , هو الذي جعل من أبناء الشمال أكثر وعياً و تحضراً, و هو الذي بوأهم لمقعد الريادة في العمل العام و الخاص, داخل السودان و خارجه.

لا أقصد بهذا القول, أن أقلل من قدر الآخرين, فالكل يعمل ما وسعته الحيلة من أجل خير هذا البلد,
و لكن رغم هذا الدور الذي لعبه أبناء الشمالية, في خدمة هذا البلد و تنميته, إلا أن ولايتهم لا زالت ولاية فقيرة, تكاد تنعدم فيها الخدمات التي ينبغي أن يتمتع بها المواطن ليعيش حياة كريمة.

لا تتوفر خدمات العلاج الكافيه ولا عدد الأطباء الإختصاصيين مما يدفع الطبيب الاخصائي يتجول في كل انحاء الولايه بين دنقلا مروي كريمه الدبه ووادي حلفا احيانا.

كما لاتوجد اشعه مقطعية في حاضرة الولاية الشماليه دنقلا فيضطر ذوي المريض لنقل مريضهم الي مروي وارجاعه مرة اخرى او العكس لان مايوجد هنا لايوجد هناك .
لاتتوفر العناية المركزه بشكل كافي حيث ان عدد سكان الولاية الشمالية في تزايد مستمر والغريب , أن مستشفي دنقلا التعليمي, لا يتوفر فيه العدد الكافي من الإختصاصيين , رغم وجود كلية للطب في هذه المدينة.

لقد أصبح أهل الشمال يتعايشون بصفة رئيسية علي ما يرد إليهم من تحويلات يجريها أبناءهم المقيمين في الخارج. و علي ما يقومون به من دعم للمؤسسات القائمة. إن مغتربيها يدعمون المستشفيات الريفية و المراكز الصحية و المدارس و يبنون المساجد, و يدعمون كل شئ حتي الطباشير عجزت المحليات عن توفيره ذات يوم, فعمل المغتربون علي توفيره ليتعلم أبناءهم.
الشاهد على دعم المغتربين للمستشفيات ففي العام 2022م بتكاتف من ابناء الشماليه بدول الخليج تم شراء مصنع اكسجين لمستشفى حكومي في دنقلا. حينها خاطب والي الشماليه في ذلك الحين وزير الماليه لاعفاء المصنع من الجمارك باعتباره يخص مستشفى حكومي وتم شراءه بمجهود ابناء الولاية ولكن تعمد وزير الماليه لابقاء المصنع شهر كامل دون اعفاءه من الجمارك (مش كده وبس) لتضاف رسوم اخرى (الارضية) الي رسوم الجمارك فتحدى ابناء الولاية الصعاب وقامو بدفع رسوم الجمارك والارضيه معا ليخرج المصنع الي بر الامان.
وهكذا تستمر التضحيات.

, إذن أين نصيب الشمالية من هذه العوائد الضخمة التي تدخل البلد ؟
يعجب المرء حين يقول البعض ممن لا يعرفون الشمالية و لم يزوروها, أن مواطن الشمالية يتمتع بالثروة و يعيش في نعيم و بالتالي فمواطنها مدلل.
زيارة واحدة إلي أي من مدن الولاية الشمالية التي تعد رئيسية تنبئك عن حقيقة وضع المواطن في الشمالية. و إذا إتخذنا المدينة كمعيار لمستوي الثروة التي تتمتع بها ولاية ما, فإن مدن الشمالية , تعد أفقر مدن السودان من النواجي الخدمية و لكن رغم هذه الحقيقة,فانسان الشمال يتجمل بالصبر و بالستر, و يعيش ( رزق اليوم باليوم ) و هو قنوع و لكنه ليس بخنوع. و قد قيل أن الحياة الهنية مع القناعة و عدم الإستكثار من الشئ.
ومؤخرا. تاثرت الولايه بالسيول والفيضانات التي تاثر بها اكثر من 51الف اسره وتدمر 35الف منزل تدميرا كليا وجزئيا ومازال مواطنها يتحلى بالصبر الجميل .

في زمن الحرب الولاية الشمالية هي الملاذ الآمن لكل نازحي اهل السودان جاءو اليها من كل فج عميق اتتها القبائل بكل الوان الطيف فاحسنو الاستقبال فكان لسان حالهم ياضيفنا لوزرتنا في بيتنا لوجدتنا نحن الضيوف وانت رب المنزل.

ما يحمد لأهالي هذه الولاية و ما يعزز الثقة في مستقبلها, هو هذا الوعي الذي يتميز به أهلها و بعدهم عن النعرة القبلية و العنصرية, التي تجاوزوها منذ سنين بعيدة. هذا الوضع هو الذي جعل هذه الولاية آمنة مطمئنة و يندر فيها حوادث الشغب و المشكلات الإجتماعية. هذا رأس مال معنوي لا يقدر بثمن. فليحافظ الناس عليه و ليبنوا عليه من أجل مستقبل ولايتهم و من أجل مصلحة هذا السودان الواحد بإذن الله.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.